قصة اخرى عن نزاهة الوالد وبداية تعليمه اخلاقيات العمل لفلذات قلبه

تتذكر داليا واقعة مازالت حية جداً غي مخيلتها الي الأن عن والدها عندما كانت في سن العاشرة تقريباً – عندما دق باب منزلهم ودخل عمال يحملون صندوق كبير للغاية وضعوه في الصالة فإذا هو تليفزيون ضخم جداً يخالف ما هو متعارف عليه في تلك الحقبة من الزمن – وهَم العمال بتركيبه وسط ذهولهم وفرحتهم الغامرة بمفاجأة والدهم الغير متوقعة –

وما لبث أن دق جرس الباب مرة أخرى وإذا برجل غريب بملابس وطنية يسأل عن الوالد فأجابوه بأنه لم يصل بعد وإذا بالوالد يصل فجأة وسلم على ذلك الرجل بغير ترحاب وهو ما أثار دهشتهم جميعاً وسأله بغلظة “ماذا تفعل هنا؟ وكيف استدليت على مكان سكننا؟” قال الرجل (سألت وجيت ومعي هدية للأولاد) وأشار على التلفزيون الجديد الفخم – فإذا بالوالد ينفعل بشدة ويكشر عن أنيابه “ما هذا الذي تفعله؟ – ضع التلفزيون فوراً في صندوقه – ولا تكرر مطلقا هذا العمل معي مرة أخرى … أنا لا أقبل رشوة من أي نوع .. و مع السلامه” – فما كان من الرجل إلا أن امر العمال بتحميل صندوق التلفزيون إلي سيارتهم مرة اخرى – ورحلوا جميعاً وسط حزننا بفقدان التلفزيون الجديد.

أوضح لنا الوالد بعد ذلك بما معناه أن هذا الرجل يمتلك شركة خاصة ومن المنتظر أن توكل لها بعض الأعمال في منطقة الشعيبة وكونه يقوم بهذا العمل الشائن والذي يسمى “رشوة” فهو يرتكب فعل “حرام” يعاقب عليه القانون – “فأنتبهوا” كي لا تقعوا في هذا الفخ طيلة اعماركم وفي أي مركز تكونون فيه”.

لقد أعطاهم الوالد يومها درساً حياً في الأخلاق حُفر في أعماق نفوسهم وأذهانهم منذ نعومة اظافرهم إلى مدي أعمارهم .. و مما يثير السخرية أن داليا تقول عند سردها لهذه القصة .. كان هذا الدرس العظيم من أب عظيم سبباً دائماً في وقوع داليا في افخاخ الفاسدين الذين يرفضون إتباع الحق والصدق والفضيلة في أعمالهم)

فبعد أن كبرت داليا وبدأت الخوض في مجالات العمل العديدة وبالتالي التعرض لمختلف فصائل المجتمع فكانت عندما تقع في مأزق يماثل وقائع قصةوالدها مع ذاك الراشي – تلجأ فوراً إلى والدها للمشورة فكان جوابه دائماً : “لا تسكتي على الخطأ ولا الفساد ولا الخيانة في العمل وإفصحي دائماً عن الحقيقة ولا تجاملي فيها أحداً أبداً” … و تسأله “حتى إذا فصلوني عن العمل لأني فضحت الفساد والسرقات ؟ ” – ويجيئ جوابه كالعادة بدون تردد (وحتى إذا فصلوكي وعاقبوكي)

تعليق واحد

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *